مدينة المهرجين
تتذكرون المرة الماضية، عندما كنت اتحدث عن مدينة الاشباح المغطاة في كل مكان باللون الرمادي التي اعتقدت انهم نجحوا بأن
يجعلوني مثلهم، اتذكرون، حقا كنتم مهتمون بقصتي؟
حسنًا سوف اقص عليكم جزء جديد عن هروبي من مدينتهم او مدينتي، لا اعلم حقا لا اعلم، ما اشعر به الان اني عالقة بالمنتصف، لم اعد شبحا ولم ينجحوا في ذلك وهذا ما سوف اظل طول حياتي ممتنه لاجله اني حاربت كي لا اكون مثلهم، ولكن دعونا من هذا…
دعوني احكي عن المدينة الجديدة، لا اعلم حقا ان كانت مدينتي ام لا، احيانا اشعر اني اصبحت بدون مدينة
المدينة الجديدة ملونة الناس ملونة كل شئ حولي يشع ضوء جديد ضوء غريب واعتقد اني اعتدت الرمادي لفترة طويلة حتى
اصبحت الألوان تخيفني، ارى في وجوهكم التعجب، ماذا؟ لم تروا أشخاص مثلي قط؟
ارايتم من قبل شخص مضى في سجن مدة عشرين عامًا؟ اطلقوا صراحه فجأة؟ ماذا سوف ترون؟ سيقف امام باب السجن حائرا لا يعلم اين الطريق… تائه وسط هذا الكم الهائل من الحرية… لا يعرف اين الصواب…
هذا انا… ولكن على رغم من حريتهم المدعاة وتلون الناس بألوان الطيف جميعها ولكني لازالت ايضا غريبة حتى في هذه المدينة
الملونة الجديدة… الا ترون الاختلاف ؟
ما تعلمته ان الرمادي والاسود لا ينمو بغير مدننا فنحن نولد بالصدمات مزروعة في حمضنا النووي وان لم ينجحوا في المدينة القديمة ان يجعلوني ارتدي عبائتهم الباهتة الا أن يمكنك ان ترى في أعماق عيناي اثار ما فعلته بي المدينة القديمة والمفارقة هنا ان سكان المدينة الجديدة يستطيعون ان يميزونا من هذه الاثار بأعيننا لأن اعينهم لا تحتويها بينما سكان المدينة القديمة لا يستطيعون التمييز ربما
لأننا لم نرى من قبل أعين صافية بلا حزن يسكن في أعماقها فاعتادوا الامر وظنوا ان هذه هى الحقيقة الوحيدة
في مدينتهم الملونة كل الاشياء ملونة حتى الناس ملونة ومتلونين يشبهوا المهرجين نعم هذا الوصف ما كنت ابحث عنه "المهرجين" فخرجت من وسط الاشباح لانتقل وسط المهرجين يلبسون كل الألوان ويتقبلون كل الالوان الا لوني انا لهذا وصفت حريتهم بالمدعاة لأنهم تقبلوا جميع الألوان وفي كل يوم يخترعوا ألوان جديدة ويعتادوها الا لوني انا وان كانوا يختلفوا عن الاشباح فالاشباح حاولت كثيرا ان يمتصوا روحي لاصبح مثلهم ولكن المهرجين غير ذلك ماذا يفعل المهرج؟
يسخر منك ويضحك ويزدريك من أجل امتاع الاخرين ولأنهم جميعهم مهرجون يتقبلون فقط من كان أقوى منهم ولأن لوني غير معتاد بينهم فأنا في موقف ضعف لا قوة وباقي الوان الطيف هم من يقررون!
وكطبيعة المهرجين هم مؤقتين… هل رأيت من قبل مهرج يعيش بمنزلك او عندما تحتاجه تجده في اي وقت.. لا اظن.. لأن المهرج مجرد فقرة في حياتك بضع ثواني بضع دقائق وإن كنت محظوظا جدا فلربما يستمر وجود المهرج بحياتك بضع ساعات ويذهب ويأتي مهرج غيره ومهرج غيره وهكذا
هكذا هى حياة المهرجين.. ملونة وجميلة من الخارج قد تظن انها هى الحياة المثالية ولكن ما أن تأخذ نظرة قريبة وتزيل مساحيق التجميل من وجوههم حتى تعرف الحقيقة حياة بلا مبادئ ومليئة بالخداع والكذب ومبينة على أسس واهية وإن دققت النظر اكتر ستجدها بلا أساس…
وحياة بلا مبادئ ولا أسس ليست حياة وعلى الرغم من محاولة الاشباح الدائمة ففرض مبادئهم وحياتهم علي… الا انهم على الاقل لديهم ما يحاولون فرضه لديهم ما يؤمنون به
والآن وقد عرفتم مدينتهم ونعم هى مدينتهم ولن تصبح مدينتي ابدا… انا لا استطيع التلون ولا احب ان اعتاد ان اكون مؤقتة في حياة من حولي… وعلى الرغم من هذا حتى لو حاولت ان اصبح مثلهم وتلونت مثلهم وان اصبحت بكل الوان الطيف لن يتقبلوني لأنهم لم يعتادوا ابدا هم الاخرين على التغيير
وها أنا ذا… حائرة تائهة ضائعة بين مدينتي التي لم تكن يوما مدينتي وكنت ملونة اكثر من اللازم بالنسبة لأهلها وبين مدينتهم التي لن تصبح مدينتي لإني لست ملونة كفاية بالنسبة لأهلها
هل أعود هل أضل هنا هل أبحث عن مدينتي الفاضلة في بقعة أخرى؟
هل ستصدقوني إن أخبرتكم أني لا أعلم؟!
Comments
Post a Comment