ليلة ممطرة في اغسطس
تجلس بمفردها في البيت تنتظر مكالمة من صديقها الذي لم تشعر انه صديقها يوما وكان بينهم رابط لا ينقطع.. مهما طالت المسافات ومهما طالت الفراقات ... كانت تعلم انهم سيعودون يوما ما... وبالفعل كانوا في كل مرة يعودوا... ولكن في هذه المرة كانت تنوي الوصول للقرار ... اما ان يتعاهدا على البقاء سويا في الصحة وفي المرض وفي السراء والضراء وحتى تحترق النجوم.... او الفراق الى الابد حتى تقوم القيامة او يأتي المسيخ الدجال وينفخ في السور ولن تسطيع اي قوى في الارض على ان تجعلها ترجع عن اي قرار مهما كان اما البقاء الى الابد او الفراق الي الابد... ولكنها كانت تصبر تمني نفسها بأن من الممكن ان يتخطى خوفه ويخطو اخيرا نحوها... ولأنها تعلم نمطه المتكرر كانت دائما ما تردد هو ليس بهذه الشجاعة لن يستطيع يوما ان يعلم ما يريده فعلا وما يحتاجه ... لن يستطيع يوما ان يواجه مشاعره تجاهها... وكانت دائما تعلم انه لن يستطيع ان يتقبل هذه الحب النقي الصحي ولكن سيظل دائما يطارد عاهراته الذي يقع في غرامهم ولأنه ساذج لا يقوى على خداع العاهرات دائما وسيظل ابدا ضحية لألاعيبهم .... ولن يكسر هذه الدائرة ابدا لأنه لا يستطيع ان يحب نفسه لينقذ نفسه من مخالبهم! ولكنها تعلمت بعد ١١ عاما أنها لا تسطيع تغيير كل شئ وان اقصي استطاعتها ان تتحكم بمصيرها هى وان هذا المصير هو الاخر ليس تحت تحكمها مئة بالمئة ولكنها تحاول وكل ما عليها تغيره هو نفسها فقط! وتحكمها بما يجب ان تقبله ومالا تسطيع تقبله بعد الان...
ها هو الهاتف يرن... تتحدث معه بكنيته التي علمت من ضحكاته انها المفضلة له وانه يحب ان يستمع اليها منها...ويرد بجفاء ولكنها معتادة على تقلباته المزاجية فيوما تشعر انه على وشك ان يصرح لها بمشاعره وفي نفس الليلة يرمى بطاقة انك صديقة عزيزة وهذا ما افعله مع جميع الاصدقاء.... وتلقى بمزحة اخرى حنونة كي تعرف اي الوجهين سترى الليلة... ولكنه يكمل في الجفاء وان ما تفعله هى الذي استطابه لاشهر وسنين لا يستطيع تقبله بعد الان.... وتكررها وكأنها تحذره هل انت جاد؟ لا تريد ان ادللك بعد الان؟ ويجيب بكل ثقة وتجبر نعم فتدليلك يجعلني غير مرتاح ولا طالما جعلني هكذا ولكني كنت اخجل... ولسان حالها تخجل؟ لقد بيننا الاف الاسرار ... ولم تخجل في مشاركتهم ابدا.... ولم تخجل الان في قول هذه الكلمات البسيطة بالنسبة لك ولكن كبيرة بالنسبة لي... وكيف جاء الخجل ومن اين يأتي وقد كنت تشارك نكاتك السخيفة التي قد تخدش حياء الاسرة المصرية وتزج بك في السجون... خجل... اي خجل تتحدث عنه؟.... قانونك لا يعرف الخجل... قانونك يعرف الملل... الجبن.... عاهرة جديدة! هذا ما تعرفه انت... ولكنك بلا خجل وبلا حياء وبلا شرف... ولا هذا ليس تصعيد... فكيف لرجل شريف ان يتجرد من عواقب افعاله...فشرف الراجل كلماته..
تتذكر ما وعدت به نفسها الاخيرة ... كيف ان تتحمل كل هذه الاضطرابات... فانها بالكاد تتحمل اضطرابتها...تتذكر ويتردد في رأسها كناقوص الخطر... اما البقاء الى الابد او الفراق للابد... لابد من نقطة فاصلة.... لابد ان ينتهي كل هذا لابد ان ينتهي... تتذكر فراقه في المرة الاخيرة وكم من مرة شعرت انها تريد ان تنهي حياتها لعدم قدرتها على تحمل الفكرة انه سوف يرحل...وان ما دعت به ربها ل ٤ سنوات لن يحدث ابدا... ولكن هذه المرة تختلف... كانت تعلم قيمتها الحقيقة ... وكانت تعلم ان ما منع الا ليعطي... وتتذكر دعواتها الاخيرة... اما الخلاص للابد او الزوج الصالح للابد... وقررت الا تتجاهل علامات الله مرة اخرى... وقررت المواجهة... ولأنها تم تربيتها تكون شجاعة لا تخشى في الحق لومة لائم... ولأنها كانت تعلم ما فعله مؤخرا وكرره كثيرا ... قررت الاتصال به مره اخرى
في خلفية المشهد ليلة عاصفة وكأن غضبها وصل للسماء وقررت السماء ان تنحب من اجلها ويرفض السحاب هذا الهراء المتكرر عام بعد عام فيصرخ وكأنها سمعت الرعد في هذه الليلة يقول لها يكفي هذا الهراء... انتي لا تستحقين كل هذا العناء... يصرخ الرعد ويدوى اصدائه في انحاء البناية ولم تهتز لها شعرة... لقد كانت تريد القرار.. النهاية.. او البداية.. واليست كل نهاية هى بداية...
تجري اتصالا به مرة اخرى... وتقول الجملة الشهيرة... جملة النهايات... يجب ان نتحدث! ويسأل بكل برود هل انتي جيدة؟ هل كل شئ على ما يرام؟ ... لا ليس على ما يرام ولا شئ سيصبح كما كان... ولكنها لم تجب على اسئلته... واختارت ان تقطع كل محاولاته لاكتمال هذا الهراء... واجابت في الفترة الاخيرة لم يكن شيئا بيننا عاديا... لم اكن اشعر ابدا اننا اصدقاء بل كنا اكثر من ذلك وعلى الرغم من ذلك يختار ان يكمل تصنعه للحماقة...ويتزمر ويتحامق ويزيد ويعيد هل هذا كله لاني لم اجيبك مرة وتكرر لا وان افهم كلماتي التي اقولها بوضوح... بوضوح الشمس في بلادنا في نهار اغسطس وبحق اختفائها في بلادهم ... وهنا يبدأ باللوم ... كيف بعد كل هذه السنوات...وانه كان خجلان من ان يصرح ان كلاماتها الرقيقة تصيبه بالاشمئزاز... ولم يكن يعلم انها تفكر بهذه الطريقة ابدا... ولم يكن يشعر تجاهها بأكثر من شعور الاصدقاء ولم ولن يشعر تجاهها بأي شعور اخر... ابدا
وان الرقيق الرفيق الصديق المخلص كان يجيب جميع مكالماتها ليس الا تقديرا لصديقه عزيزه على الرغم من تجاهله جميع اصدقائه... وانه عندما قالها بلسانه انتي غير الجميع... اعاملك احسن منهم جميعا... انا ملعون ولكني معك اصبح رقيقا.. لم يقل هذا الجزء الاخير ولكن فعل ما هو اكثر من القول... كان يرد عليهم جميعا بالسوء ولكن عندما يأتي الأمر لها ... لم يستطع وكانت تعلم وكان يعلم... ولكن هذا كله لأنه صديق مخلص ليس الا!
هى تعلم انه يتهرب من نتائج افعاله وهو لا يعلم ماذا يريد... ولكن الكلمات اقوى الف مرة من الظنون... اليس بعض الظن اثم؟
ولكلماته صدى واحد... أن تستحق رجل... يعرف ما يريده ويسعى ورائه... وتستحق الافضل... وقالت
أنا المذنبةُ المبتلاةُ بجرمِها ** وإني لجانيةٌ وربّي مُطَّلعٌ حالي
حرامٌ اسمُكَ أن يمرَّ على فمي ** إلى يومِ يُبعثُ الخلقُ للزوالِ
ويُحرمُ لقياكَ وإن كنتُ عليلةً ** ولقياكَ لي كانت دواءَ اعتلالي
فموتي على عهدِ الصدوقِ كرامةٌ ** ولا عيشَ في خُدعِ الزمانِ وبالِ
Comments
Post a Comment